responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 233
وَإِنَّمَا قَالَ: عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَجِيءَ بِحَرْفِ التَّبْعِيضِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الشَّأْنَ أَنْ لَا يَعْرَى الْعَقْدُ عَنِ الصَّدَاقِ، فَلَا تُسْقِطْهُ كُلَّهُ إِلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمَّا تَأَوَّلُوا ظَاهِرَ الْآيَةِ مِنَ التَّبْعِيضِ، وَجَعَلُوا هِبَةَ جَمِيعِ الصَّدَاقِ كَهِبَتِهِ كُلِّهِ أَخْذًا بِأَصْلِ الْعَطَايَا، لِأَنَّهَا لَمَّا قَبَضَتْهُ فَقَدْ تَقَرَّرَ مِلْكُهَا إِيَّاهُ، وَلَمْ يَأْخُذْ عُلَمَاءُ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذَا بِالتُّهْمَةِ لِأَنَّ مَبْنَى النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَإِلَّا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي مَسَائِلِ الْبَيْعِ: إِنَّ الْخَارِجَ مِنَ الْيَدِ ثُمَّ الرَّاجِعَ إِلَيْهَا يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ، وَهَذَا عِنْدَنَا فِي الْمَالِكَاتِ أَمْرَ أَنْفُسِهِنَّ دُونَ الْمَحْجُورَاتِ تَخْصِيصًا لِلْآيَةِ بِغَيْرِهَا مِنْ أَدِلَّةِ الْحَجْرِ فَإِنَّ الصَّغِيرَاتِ غَيْرَ دَاخِلَاتٍ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ. فَدَخَلَ التَّخْصِيصُ لِلْآيَةِ. وَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: ذَلِكَ لِلثَّيِّبِ وَالْبِكْرِ، تَمَسُّكًا بِالْعُمُومِ. وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي حَمْلِ الْأَدِلَّةِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي رُجُوعِ الْمَرْأَةِ فِي هِبَتِهَا بَعْضَ صَدَاقِهَا: فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا رُجُوعَ لَهَا، وَقَالَ شُرَيْحٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ: لَهَا الرُّجُوعِ، لِأَنَّهَا لَوْ طَابَتْ نَفْسُهَا لَمَا رَجَعَتْ. وَرَوَوْا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى قُضَاتِهِ «إِنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً فَأَيُّمَا امْرَأَةً أَعْطَتْهُ، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ فَذَلِكَ لَهَا» وَهَذَا يَظْهَرُ إِذا كَانَ مَا بَيْنَ الْعَطِيَّةِ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ قَرِيبًا، وَحَدَثَ مِنْ مُعَامَلَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْعَطِيَّةِ خِلَافُ مَا يُؤْذَنُ حُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ السَّابِقِ لِلْعَطِيَّةِ.
وَحَكْمُ هَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً [النِّسَاء:
1] .
[5]

[سُورَة النِّسَاء (4) : آيَة 5]
وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (5)
عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ [النِّسَاءَ: 4] لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إِيجَابِ أَنْ يُؤْتَى كُلُّ مَالٍ لِمَالِكِهِ مِنْ أَجْلِ تَقَدُّمِ الْأَمْرِ بِإِتْيَانِ الْأَمْوَالِ مَالِكِيهَا مَرَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ [النِّسَاءَ: 2، 4] . أَوْ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: وَآتُوا الْيَتامى وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست